هل سأعوض ما فات ؟ ؟
في اواخر الثلاثين من عمره . . اضحت به الأيام ثقيلة بالملامة والندم . . هل سأعوض سنين عمري . . وأكسب شيأ من باقي سنيني
إنه العمر قد شارف على منتصفه . . ولم يسعد بلذة الزواج . . وحياة مسقره . . وأبناء . . وبيت . . وهل سيعوض ذلك في سنوات الضعف المقبله ؟ ؟
بعد أن عاش في ميادين العز والشرف ووهبتها جل طاقته وشبابه ! !
سنين طويله . . وأيام شداد . . كانت في الطوابير العسكريه . . والمهمات العصيبه . . فكان خير مثل للجندي المخلص والمقاتل الفدائي
عاش بعيدا عن أهله مذ أن عرف العسكريه . . وأفنى حلو أيامه في الحضيره والمعسكر . . بين المدرعة والميدان . . فكانت الأولى صديقه و الثاني هو بيته ووطنه
انها قصة حيرتني كثيرا في حياة ذلك الرجل . . حينما كشف عن ما بجوفه من آمال . . وطموحات . . والآم . . وذكريات . . فيها نبرة الندم . . بدأت تتجلى من وراء ضباب الغفله بعدما شارف العقد الرابع من عمره
دارت هذه الذكريات والخواطر . . حينما كنا في جبل دخان . . في جنوب البلاد . . حيث كنا في مناوبة على دورية لحراسة حدود المسؤولية في قطاعنا . . في عام 1431 حينما تسلل مجموعة من الحوثيين الى اراضينا . . وهب الجيش صمودا ودفاعا الى المنطقة الجنوبيه
خيم المساء بظلامه وتلاشت الانوار وبدأ الوضع يزداد صعوبة . . الموقف مخيف . . نسمع طلقات العدو . . وكما هي العادة . . لا تكون المواجهات إلا بمثل هذه الساعه . . حيث انها فرصة العدو في الاشتباك أو إسقاط عدد من القتلى من قواتنا
ازرى بي الحال مع صعوببة ورهبته . . فضعفت نفسي وتذمَّرت الحياة . . وتذكرت أيام السلم والرخاء . . كيف كنا ننعم بالأمن . . وسئمت من سبب الحاقي بالقوات في المنطقه الجنوبيه . . حيث كنت اعمل بالمنطقة الشماليه من البلاد . . وألحِقُتُ للجنوب للمصلحة العامة وتذكرت أهلي وأحبابي . . وأيامي الحلوه . . ثم حزنت على حالي في هذا الموقف العصيب
كان معي في تلك الدوريه وكيل رقيب في اواخر الثلاثين من عمره أسمه سالم . . يتوقد همة وإيمان . . ولم ارى منه ضعفا برغم شدة الموقف . . وكله ثقة وثباتا
عجبت جداً من روحه المعنوية العالية . . وزاد دهشتي به حينما كشف لي صفحاته وأدلى بما في خاطره من الذكريات والامال والطموحات
بينما كنا نتخفى خلف تلك التبه . . نختبئ بثبات . . ومع شدة الظلمه . . الحركة تشكل خطرا علينا . . ونتسامر بالهمس والصوت الخافت . . لأن الوقت طويل
قال لي . . هل أنت متعب . . لماذا تبدوا عليك ملامح اليأس والإحباط
قلت يا سالم . . أنت بين الرصاص والمدفع . . تلبس الخوذة والجعبة . . وحمم الرصاص بدت ترسم على يديك وكاهلك
قال لي كم عمرك
قلت 26 سنه
وكم خدمتك في الجيش
7 سنوات
فابتسم . . ابتسامتة ليست استهتار . . ولا تجريح . . وتركني بأفكار . . عن معنى الابتسامه . .ومعنى أسئلته
وبعد دقائق من الصمت
قال
يا صاحبي لا زلت تملك الفرصه لحياة سعيده . . ولم يفت لك شيئا من العمر . . وإن يئست أو خذلت من حياتك . . سترضى بعد أن تسمع أو ترى حياة غيرك
يا صاحبي
إنها الاندفاعة الشبابيه . . والمعنوية المتوقده . . والحب في العمل . . والاخلاص لهذا الوطن الغالي
حرمتني حياتي ومستقبلي وافنيت عمري كعسكري وخفير ومرابط ومناوب
لا اعرف من أيامي سوى ذلك . . فديت الوطن بشبابي . . وانستني الميادين والمناورات الحياة المدنيه
فلا أعرف سوى الطابور والصفه
يا صاحبي
فكرت مرارا بالزواج والاستقرار
فلم يسمح لي الوطن . . لأنني الجندي الذي أحميه وأفديه
لم تسمع لي الظروف . . ولم أرغب بترك الصفوف العسكريه . . وحتى أن لزم الأمر بتضحيتي بالزواج
حياتي العسكريه . . فيها من الشدة . . وفيها التعاون والاخاء
فإخواني هم أفراد سريتي
وأبي هو رقيب السريه . . وغير ذلك لا أعرف أحدا
منذ أن التحقت بالخدمه
كنت شابا في التاسعة عشر من عمري . . وكل طموحي هو الزي العسكري . . وحمل السلاح في واجبٍ وطني دفاعي
فعشت بين اخواني في السريه . . . حياة جميله . . أنستني كل ما عشته من الايام المدنيه . . فكنا في الميدان والحظيره
والمهمة والمناوره . . وكل همنا هو سمعة سريتنا بين الوحدات . . والظهور في المظهر المشرف بين السرايا
كانت الايام عصيبة . . والمهمات أصعب . . لكن الإخاء والتعاون يجعل من ذلك أمرا في غاية المتعة . . فلا تجد منا التخاذل أو الكسل
ولا تجد المتهاون في واجبه . . خشية من ملامة زملائة وأن يعيبوا عليه ضعفه وقلة كفائته كرجل عسكري صلب . . فلم يكن همنا هو خشية العقاب أو الجزاء . . مقابل السمعة والحياء من الزملاء
يا صاحبي
تمرست العسكريه . . وجرت في عروقي إيعازات الرقيب . . استرح . . استعد . . لليمين در . . وزنا . . هرول . . أجمع . . انصرف
وأدمنت الإصطفاف صباح كل يوم بين إخواني وأفراد سريتي
إن حزنت يوما . . فهم ملاذي وملجأي بعد الله سبحانه وتعالى . . وإن ضاق بي الحال . . أسبغوا علي كرمهم ووسعوا علي كل ضيقه
فلم أشعر بحاجة لغيرهم . . ولم أجد نقصا أحتاج تعويضه من أهل أو زوجة أو غير ذلك
حماستنا أفنيناها بالعمل البدني المنهك . . بروح المنافسه . . والتحدي . . بروح يملأؤها حب الوطن . . وحمل المسؤوليه
فهذا هو شبابي وهذه هي حياتي العسكريه . . التي مرت . . بحميل ذكرياتها . . وبصادق دروسها
ولكن يا للحسرة ويا للندم على أيام أمضيتها . . وان كانت جميلة . . ويبقى الاجمل منها عيشي في أكناف والدي . . وتلمس حاجاتهم وبرهم
يا صاحبي
سكر الشباب . . وحماسته . . هو ما أودى بي لمثل ذلك . . تركت اهلي . . ولم أظفر بقربهم حتى مات أبي رحمه الله
أبي . . ليس بحاجة لخدمتي . . بل كان رجل مقتدر معافى . . وكان يفتخر بي كإبن يقف في صفوف الجند مدافعا عن حمى وطنه
كنت اجيء لزيارته مرتين في السنه . . وتارة كل سنة مره . . حتى توفاه الله برحمته ومغفرته
فكان الاحرى بي أن اغتنم حياته في بره والاحسان له
قلت يا ســـــــــــــــالم
كفى . . لقد أثرت أحزاني في هذا الموقف العصيب . . توقف عن حديثك يا صاحبي . . فكدت أبكي من حزن حياتك
وهل سيكون مستقبلي كذلك وانا ارتدي بدلة العز والشرف مجندا في في هذا الجيش ؟
ضحك صديقي سالم من كلامي
وقال . . لا يا صاحبي
هذا يرجع للشخص نفسه باختياره لمصيره . . وليس كل هذا بسبب العسكريه
لا تيأس يا صاحبي . . ولا أريد خفض معنويتك بهذا الحديث . . وأنت عزم لا ينثني
ومهنة الجهاد . . هي مهنة الرسول صلى الله عليه وسله وصحبه الكرام . . وهي أِشرف ما يعمل به المسلم
قلت يا سالم . . أتذكر ليلة البارحه ؟
يوم أن أفرزوا سريتنا للتعامل مع شرذمة الحوثين خلف جبل الدود . . فقدت العريف أحمد بعد أن كان جاثيا على الرشاش ويرمي بالطلقات . . وبعد ساعه وجدت محمد في مكانه على نفس الرشاش
سالم . . أين أحمد . . فبعد تلك المواجهه لم أراه
أحمد . . استشد رحمة الله عليه حيث أنه كان في مكان مكشوف وليس هناك من يستره في مكانه
سالم . . أحقا مات احمد
نعم يا صاحبي . . هو شهيد وليس ميت . . تمنيت أنني كنت مكانه . . أسأل الله الشهاده
صرخت في وجهه . . ســـــالم . . أي قلب تحمل
أوتتمنى الموت . . وهل هو الموت بسيطا في نظرك
يا صاحبي . . وما هو الذي ارجوه من هذه الحياة البائسه . . وهل لي أن أضمن جنة الخلد بغير الشهاده
جلست أنظر الى سالم بكل حيرة واستغراب . . التفت يمينا . . فإذا بها ظلمة الليل . . نظرت أمامي فإذا بها صليات الطلقات الناريه
بقيت صامتا افكر
مات احمد . . رحمك الله يا زميلي . . وماهي المشاعر الي يحملها سالم . . حيث تمنى أن يكون مكانه
ماذا لو كنت أنا الشهيد . . وهل سأنجوا من هذه المواجهات . . أم سأموت
أنها المشاعر تتلاطم في داخلي . . حزنا على احمد . . وخوفا من المستقبل . . أما سالم . . الرجل الذي مات إحساسه مذ أن عرف العسكريه
طلع النهار . . وأشرقت الشمس . . حيث صلينا في مكاننا الذي نتترس فيه . . خلف تلك التبه
توقفت اصوات المدافع والطلقات . . وعدنا الى معسكرنا بعد أن جاء زملاؤنا البدلاء عنا في ذلك الموقع
وفي طريقنا. . راجلين . . نحمل أسلحتنا الثقيله . . وصديقي سالم يسير بجانبي
قلت يا سالم . . تحلو ساعات الراحة الان . . بعد أن قضينا ليلة عصيبه
واحلم بوقت كاف للنوم
ضحك سالم . . وقال يا صاحبي . . ليس لك وقت للراحة في هذه الظروف
ولماذا يا سالم
قال إن عدنا سنتلقى التعليمات من قائد السريه . . وما يمليه علينا من أوامر . . وفور وصولنا الى مخيم زملائنا
جلسنا سويا نتسامر مع بقية الزملاء . . ونتبادل الاخبار . . وأي أخبار . . إصابات في زملائنا . . وخسائر وقعت . . وظروف المت بالبقيه
جاء الرقيب المناوب . . واستدعى سالم . . فنظرت بين عيني صاحبي سالم . . غيظ لم أكن اعهده منه
سالم
ما الأمر
قال صدر علي حكم عسكري بالسجن لمدة 15 يوما . . والرقيب المناوب سيأخذني الى هناك
سجن . . ولماذا السجن يا سالم
قال بسبب السلاح الذي فقد وهو بعهدتي . . حيث أن أحد الزملاء استعاره مني – وكان بأمس الحاجة له – ثم فقده ولم نجد له أي اثر
ســالم
أنت الجندي المخلص الذي فديت كل عمرك وشبابك لهذا الوطن . . ويكون جزائك بهذه الطريقه . . سالم . . هذا ظلم
وهل فقد السلاح في مثل هذه الظروف الغامضه يستدعي لسجنك ومعاقبتك بمثل ذلك
وذهب سالم الى السجن العسكري . . وبقيت حزينا عليه ولم يغب عن بالي طوال أيامي في تلك الازمه
حفظك الله يا سالم في حلك وترحالك
انتهى
في اواخر الثلاثين من عمره . . اضحت به الأيام ثقيلة بالملامة والندم . . هل سأعوض سنين عمري . . وأكسب شيأ من باقي سنيني
إنه العمر قد شارف على منتصفه . . ولم يسعد بلذة الزواج . . وحياة مسقره . . وأبناء . . وبيت . . وهل سيعوض ذلك في سنوات الضعف المقبله ؟ ؟
بعد أن عاش في ميادين العز والشرف ووهبتها جل طاقته وشبابه ! !
سنين طويله . . وأيام شداد . . كانت في الطوابير العسكريه . . والمهمات العصيبه . . فكان خير مثل للجندي المخلص والمقاتل الفدائي
عاش بعيدا عن أهله مذ أن عرف العسكريه . . وأفنى حلو أيامه في الحضيره والمعسكر . . بين المدرعة والميدان . . فكانت الأولى صديقه و الثاني هو بيته ووطنه
انها قصة حيرتني كثيرا في حياة ذلك الرجل . . حينما كشف عن ما بجوفه من آمال . . وطموحات . . والآم . . وذكريات . . فيها نبرة الندم . . بدأت تتجلى من وراء ضباب الغفله بعدما شارف العقد الرابع من عمره
دارت هذه الذكريات والخواطر . . حينما كنا في جبل دخان . . في جنوب البلاد . . حيث كنا في مناوبة على دورية لحراسة حدود المسؤولية في قطاعنا . . في عام 1431 حينما تسلل مجموعة من الحوثيين الى اراضينا . . وهب الجيش صمودا ودفاعا الى المنطقة الجنوبيه
خيم المساء بظلامه وتلاشت الانوار وبدأ الوضع يزداد صعوبة . . الموقف مخيف . . نسمع طلقات العدو . . وكما هي العادة . . لا تكون المواجهات إلا بمثل هذه الساعه . . حيث انها فرصة العدو في الاشتباك أو إسقاط عدد من القتلى من قواتنا
ازرى بي الحال مع صعوببة ورهبته . . فضعفت نفسي وتذمَّرت الحياة . . وتذكرت أيام السلم والرخاء . . كيف كنا ننعم بالأمن . . وسئمت من سبب الحاقي بالقوات في المنطقه الجنوبيه . . حيث كنت اعمل بالمنطقة الشماليه من البلاد . . وألحِقُتُ للجنوب للمصلحة العامة وتذكرت أهلي وأحبابي . . وأيامي الحلوه . . ثم حزنت على حالي في هذا الموقف العصيب
كان معي في تلك الدوريه وكيل رقيب في اواخر الثلاثين من عمره أسمه سالم . . يتوقد همة وإيمان . . ولم ارى منه ضعفا برغم شدة الموقف . . وكله ثقة وثباتا
عجبت جداً من روحه المعنوية العالية . . وزاد دهشتي به حينما كشف لي صفحاته وأدلى بما في خاطره من الذكريات والامال والطموحات
بينما كنا نتخفى خلف تلك التبه . . نختبئ بثبات . . ومع شدة الظلمه . . الحركة تشكل خطرا علينا . . ونتسامر بالهمس والصوت الخافت . . لأن الوقت طويل
قال لي . . هل أنت متعب . . لماذا تبدوا عليك ملامح اليأس والإحباط
قلت يا سالم . . أنت بين الرصاص والمدفع . . تلبس الخوذة والجعبة . . وحمم الرصاص بدت ترسم على يديك وكاهلك
قال لي كم عمرك
قلت 26 سنه
وكم خدمتك في الجيش
7 سنوات
فابتسم . . ابتسامتة ليست استهتار . . ولا تجريح . . وتركني بأفكار . . عن معنى الابتسامه . .ومعنى أسئلته
وبعد دقائق من الصمت
قال
يا صاحبي لا زلت تملك الفرصه لحياة سعيده . . ولم يفت لك شيئا من العمر . . وإن يئست أو خذلت من حياتك . . سترضى بعد أن تسمع أو ترى حياة غيرك
يا صاحبي
إنها الاندفاعة الشبابيه . . والمعنوية المتوقده . . والحب في العمل . . والاخلاص لهذا الوطن الغالي
حرمتني حياتي ومستقبلي وافنيت عمري كعسكري وخفير ومرابط ومناوب
لا اعرف من أيامي سوى ذلك . . فديت الوطن بشبابي . . وانستني الميادين والمناورات الحياة المدنيه
فلا أعرف سوى الطابور والصفه
يا صاحبي
فكرت مرارا بالزواج والاستقرار
فلم يسمح لي الوطن . . لأنني الجندي الذي أحميه وأفديه
لم تسمع لي الظروف . . ولم أرغب بترك الصفوف العسكريه . . وحتى أن لزم الأمر بتضحيتي بالزواج
حياتي العسكريه . . فيها من الشدة . . وفيها التعاون والاخاء
فإخواني هم أفراد سريتي
وأبي هو رقيب السريه . . وغير ذلك لا أعرف أحدا
منذ أن التحقت بالخدمه
كنت شابا في التاسعة عشر من عمري . . وكل طموحي هو الزي العسكري . . وحمل السلاح في واجبٍ وطني دفاعي
فعشت بين اخواني في السريه . . . حياة جميله . . أنستني كل ما عشته من الايام المدنيه . . فكنا في الميدان والحظيره
والمهمة والمناوره . . وكل همنا هو سمعة سريتنا بين الوحدات . . والظهور في المظهر المشرف بين السرايا
كانت الايام عصيبة . . والمهمات أصعب . . لكن الإخاء والتعاون يجعل من ذلك أمرا في غاية المتعة . . فلا تجد منا التخاذل أو الكسل
ولا تجد المتهاون في واجبه . . خشية من ملامة زملائة وأن يعيبوا عليه ضعفه وقلة كفائته كرجل عسكري صلب . . فلم يكن همنا هو خشية العقاب أو الجزاء . . مقابل السمعة والحياء من الزملاء
يا صاحبي
تمرست العسكريه . . وجرت في عروقي إيعازات الرقيب . . استرح . . استعد . . لليمين در . . وزنا . . هرول . . أجمع . . انصرف
وأدمنت الإصطفاف صباح كل يوم بين إخواني وأفراد سريتي
إن حزنت يوما . . فهم ملاذي وملجأي بعد الله سبحانه وتعالى . . وإن ضاق بي الحال . . أسبغوا علي كرمهم ووسعوا علي كل ضيقه
فلم أشعر بحاجة لغيرهم . . ولم أجد نقصا أحتاج تعويضه من أهل أو زوجة أو غير ذلك
حماستنا أفنيناها بالعمل البدني المنهك . . بروح المنافسه . . والتحدي . . بروح يملأؤها حب الوطن . . وحمل المسؤوليه
فهذا هو شبابي وهذه هي حياتي العسكريه . . التي مرت . . بحميل ذكرياتها . . وبصادق دروسها
ولكن يا للحسرة ويا للندم على أيام أمضيتها . . وان كانت جميلة . . ويبقى الاجمل منها عيشي في أكناف والدي . . وتلمس حاجاتهم وبرهم
يا صاحبي
سكر الشباب . . وحماسته . . هو ما أودى بي لمثل ذلك . . تركت اهلي . . ولم أظفر بقربهم حتى مات أبي رحمه الله
أبي . . ليس بحاجة لخدمتي . . بل كان رجل مقتدر معافى . . وكان يفتخر بي كإبن يقف في صفوف الجند مدافعا عن حمى وطنه
كنت اجيء لزيارته مرتين في السنه . . وتارة كل سنة مره . . حتى توفاه الله برحمته ومغفرته
فكان الاحرى بي أن اغتنم حياته في بره والاحسان له
قلت يا ســـــــــــــــالم
كفى . . لقد أثرت أحزاني في هذا الموقف العصيب . . توقف عن حديثك يا صاحبي . . فكدت أبكي من حزن حياتك
وهل سيكون مستقبلي كذلك وانا ارتدي بدلة العز والشرف مجندا في في هذا الجيش ؟
ضحك صديقي سالم من كلامي
وقال . . لا يا صاحبي
هذا يرجع للشخص نفسه باختياره لمصيره . . وليس كل هذا بسبب العسكريه
لا تيأس يا صاحبي . . ولا أريد خفض معنويتك بهذا الحديث . . وأنت عزم لا ينثني
ومهنة الجهاد . . هي مهنة الرسول صلى الله عليه وسله وصحبه الكرام . . وهي أِشرف ما يعمل به المسلم
قلت يا سالم . . أتذكر ليلة البارحه ؟
يوم أن أفرزوا سريتنا للتعامل مع شرذمة الحوثين خلف جبل الدود . . فقدت العريف أحمد بعد أن كان جاثيا على الرشاش ويرمي بالطلقات . . وبعد ساعه وجدت محمد في مكانه على نفس الرشاش
سالم . . أين أحمد . . فبعد تلك المواجهه لم أراه
أحمد . . استشد رحمة الله عليه حيث أنه كان في مكان مكشوف وليس هناك من يستره في مكانه
سالم . . أحقا مات احمد
نعم يا صاحبي . . هو شهيد وليس ميت . . تمنيت أنني كنت مكانه . . أسأل الله الشهاده
صرخت في وجهه . . ســـــالم . . أي قلب تحمل
أوتتمنى الموت . . وهل هو الموت بسيطا في نظرك
يا صاحبي . . وما هو الذي ارجوه من هذه الحياة البائسه . . وهل لي أن أضمن جنة الخلد بغير الشهاده
جلست أنظر الى سالم بكل حيرة واستغراب . . التفت يمينا . . فإذا بها ظلمة الليل . . نظرت أمامي فإذا بها صليات الطلقات الناريه
بقيت صامتا افكر
مات احمد . . رحمك الله يا زميلي . . وماهي المشاعر الي يحملها سالم . . حيث تمنى أن يكون مكانه
ماذا لو كنت أنا الشهيد . . وهل سأنجوا من هذه المواجهات . . أم سأموت
أنها المشاعر تتلاطم في داخلي . . حزنا على احمد . . وخوفا من المستقبل . . أما سالم . . الرجل الذي مات إحساسه مذ أن عرف العسكريه
طلع النهار . . وأشرقت الشمس . . حيث صلينا في مكاننا الذي نتترس فيه . . خلف تلك التبه
توقفت اصوات المدافع والطلقات . . وعدنا الى معسكرنا بعد أن جاء زملاؤنا البدلاء عنا في ذلك الموقع
وفي طريقنا. . راجلين . . نحمل أسلحتنا الثقيله . . وصديقي سالم يسير بجانبي
قلت يا سالم . . تحلو ساعات الراحة الان . . بعد أن قضينا ليلة عصيبه
واحلم بوقت كاف للنوم
ضحك سالم . . وقال يا صاحبي . . ليس لك وقت للراحة في هذه الظروف
ولماذا يا سالم
قال إن عدنا سنتلقى التعليمات من قائد السريه . . وما يمليه علينا من أوامر . . وفور وصولنا الى مخيم زملائنا
جلسنا سويا نتسامر مع بقية الزملاء . . ونتبادل الاخبار . . وأي أخبار . . إصابات في زملائنا . . وخسائر وقعت . . وظروف المت بالبقيه
جاء الرقيب المناوب . . واستدعى سالم . . فنظرت بين عيني صاحبي سالم . . غيظ لم أكن اعهده منه
سالم
ما الأمر
قال صدر علي حكم عسكري بالسجن لمدة 15 يوما . . والرقيب المناوب سيأخذني الى هناك
سجن . . ولماذا السجن يا سالم
قال بسبب السلاح الذي فقد وهو بعهدتي . . حيث أن أحد الزملاء استعاره مني – وكان بأمس الحاجة له – ثم فقده ولم نجد له أي اثر
ســالم
أنت الجندي المخلص الذي فديت كل عمرك وشبابك لهذا الوطن . . ويكون جزائك بهذه الطريقه . . سالم . . هذا ظلم
وهل فقد السلاح في مثل هذه الظروف الغامضه يستدعي لسجنك ومعاقبتك بمثل ذلك
وذهب سالم الى السجن العسكري . . وبقيت حزينا عليه ولم يغب عن بالي طوال أيامي في تلك الازمه
حفظك الله يا سالم في حلك وترحالك
انتهى
م / ن